استاذ الفقهاء: اية الله العظمى الشيخ حسين الحلّي (قدس سره)
استاذ الفقهاء: اية الله العظمى الشيخ حسين الحلّي (قدس سره)
اسمه ونسبه قدس سره
هو الشيخ حسين بن الشيخ علي بن حسين الحلّي النجفي، ينتمي إلى أُسرة عربية أصيلة، وهي عشيرة الطفيل، التي تقطن الأرياف الجنوبية من قضاء الهندية في العراق, ولد عام ١٣٠٩ﻫ بمدينة النجف الأشرف.
دراسته قدس سره
درس قدس سره عند أبيه مبادئ القراءة والكتابة، ثمّ بدأ يحضر الدراسات الأدبية والفقهية والأُصولية عند أساتذة الحوزة لسنين طوال، حتّى نبغ نبوغاً باهراً، وتميّز بين أقرانه، بالغاً المراتب العليا في العلم.
من أساتذته قدس سره
– الشيخ محمّد حسين الغروي النائيني قدس سره
– السيّد أبو الحسن الموسوي الإصفهاني. قدس سره.
– الشيخ ضياء الدين العراقي قدس سره.
تدريسه قدس سره
لازم قدس سره التدريس منذ كان يواصل دراسته، وكان يلقي درسه في مرحلة السطح العالي، وكان يحضر درسه ثُلّة من الطلبة المشتغلين بالتحصيل من المنبع الأصيل، فكانوا يستفيدون من علمه الغزير، ويستقون من معين فضله الكبير، وكانت له طريقة فنّية في التدريس قلّ نظيرها، وهي أنّه عندما يشرع في البحث يتناول المسألة الفقهية أو الأُصولية فيقلّب فيها وجوه النظر، ويبيّن أقوال العلماء المؤيّدين والمفنّدين، ثمّ يناقش بعض الأقوال التي تستحقّ المناقشة على ضوء الأدلّة والقواعد العلمية.
وكان من طريقته في البحث أنّه لا يذكر رأيه الصريح في المسألة المبحوث عنها، وعندما ينتهي من إلقاء بحثه يجتمع طلّابه حوله، فيسألونه عن رأيه في المسألة فكان يجيبهم بقوله: (هذا عملكم) .
مكانته العلمية قدس سره
كان قدس سره من نوابغ عصره، ومن الذين تميّزوا بالتحقيق والتدقيق، وكان ذا اطّلاع واسع بالعلوم الدينية، وكان فقيهاً متبحّراً، له إحاطة واسعة بالفروع الفقهية، وأُصولي محقّق له نظريات وتأسيسات راقية، وهو من المتضلّعين في التاريخ واللغة والأدب.
من تلامذته قدس سره
تتلمذ على يديه اساطين العلماء والفقهاء والمراجع منهم:
السيّد علي الحسيني السيستاني، السيّد يوسف الطباطبائي الحكيم، السيّد محمّد سعيد الطباطبائي الحكيم، السيّد محمّد تقي الحكيم، السيّد محمّد الروحاني، الشهيد الشيخ مرتضى البروجردي، الشهيد الشيخ علي الغروي، الشهيد السيّد عزّ الدين بحر العلوم، الشهيد السيّد علاء بحر العلوم، الشهيد السيّد محمّد رضا الموسوي الخلخالي، الشهيد السيّد محمّد تقي الحسيني الجلالي، الشيخ حسين الراستي الكاشاني، الشيخ محمّد تقي الجواهري، الشيخ علي الغروي النائيني، السيّد عبد الرزّاق المقرّم، الشيخ محمّد هادي معرفة، السيّد علي المحقّق الداماد، الشيخ محمّد زين العابدين، الشيخ علي زين الدين.
من أقوال العلماء فيه
١ـ قال الشيخ آقا بزرك الطهراني قدس سره: (وقد عُرف بالتحقيق والتبحّر والتقى والعفّة، وشرف النفس، وحُسن الأخلاق، وكثرة التواضع، كما أنّه من الذين يخدمون العلم للعلم، ولم يطلب الرئاسة، ولم يتهالك في سبيل الدنيا، وهو من أجل ذلك فإنه محبوب مقدّر بين الجميع) .
٢ـ قال الشيخ محمّد علي اليعقوبي قدس سره: (فهو اليوم ممّن يُشار إليه بالبنان، ويُعدّ في الطبقة العليا بين أهل العلم وذوي الفضيلة) .
٣ـ قال الشيخ حسن سعيد الطهراني قدس سره: (كان مداراً للبحث والتحقيق، ومحطّاً لأنظار أهل الفضل، يؤمّونه للارتواء من مناهل علومه؛ لما عُرِف به من غزارة العلم، وعمق التجربة، وسعة الأُفق، ووفرة الاطّلاع، وقد تخرّج على يديه جيل من أهل العلم، هم الطليعة اليوم في جامعة مدينة النجف الأشرف) .
٤_ قال الشيخ جعفر محبوبة عن طاقاته العلمية: (كان من رجال العلم البارزين، ومن أهل الفضل السابقين، مرغوب في التدريس، التفّ حوله ثُلّة من طلّاب العلم الساهرين على تحصيل ما يستفيدون من علمه، ويستقون من معين فضله ) .
من صفاته وأخلاقه قدس سره
كان قدس سره يستشهد دائماً بالمقولة التربوية النافعة، وهي: (الإنسان حيث يضع نفسه)، فكلّ إنسان يمكن أن يضع نفسه في الموضع الذي يُريده، فكما يمكنه أن يكون صادقاً يمكنه أن يكون كاذباً، وكما يمكنه أن يكون محبّاً للخير له وللآخرين يمكنه أن يكون محبّاً للشرّ، وإلخ.
كان متواضعاً إلى أبعد الحدود، وبسيطاً بكلّ معنى البساطة، في مسكنه وملبسه ومأكله ومشيته، فكان يملك بيتاً متواضعاً يسكن فيه هو وعائلته، وكان لا يحبّ المظاهر بأشكالها كافة.
كان زاهداً بكلّ معنى الزهد، وكريماً رغم إمكانياته المحدودة، فكان لا يجد للمال قيمة، إلّا أن يواسي به الفقراء والمساكين والمحتاجين، وكان مصداقاً لقوله تعالى: (وَيُؤْثِرُوْنَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) .
كان مثالاً يُحتذى به في الزهد والصلاح، وأُسوة طيّبة في الهداية والاقتداء، وكان من شدّة ورعه واحتياطه أنّه لم يتصدّ للزعامة الدينية التي كانت تتوجّه إليه، فكان يتهرّب منها، وكم من مرّة دفعها عن نفسه وثنى طرفه عنها.
كان أديباً ممتازاً، وقد مارس الأدب في شبابه بُرهةً من الزمن، وربما تعاطى الشعر بين أقرانه، وكانت النجف الأشرف في عهد شبابه كسوق عكّاظ، فيها العشرات من النوادي الأدبية، يحضرها أعلام الأدب وكبار الشعراء، وكان يحضر تلك المجالس ويتّخذها وسيلة لترويض الروح، وللتعبير عن خواطره وخوالجه.
مواقفه السياسية
عندما قامت قوّات الاحتلال البريطاني باحتلال مدينة البصرة في العراق إبان الحرب العالمية الأُولى، وأخذت تهدّد أمن واستقلال العراق، كان من المنضمّين إلى جموع المجاهدين المتوجّهين إلى ميادين الجهاد والقتال ضدّ العدو، وقد ذكرت بعض المصادر أنّه في تاريخ الرابع من صفر ١٣٣٣ﻫ توجّه(قدس سره) إلى البصرة عن طريق بغداد، وكان معه الكثير من علماء الدين وطلبة العلم.
من مؤلّفاته قدس سره
لديه مؤلفات ثمينة ويأخذ منها طلابه منها:
– شرح كفاية الأُصول
– تقريرات بحث الشيخ النائيني في الفقه والأُصول
– تقريرات بحث الشيخ العراقي في الفقه والأُصول
– تعليقة على الجزء الأوّل من أجود التقريرات
– تعليقة على الجزء الثاني من فوائد الأُصول
– تعليقة على المكاسب
– الأوضاع اللفظية وأقسامها
– رسالة في حكم بيع جلد الضبّ وطهارته
– رسالة في إلحاق ولد الشبهة بالزواج الدائم
– رسالة في أخذ الأُجرة على الواجبات
– رسالة في معاملة اليانصيب
– رسالة في قاعدة من ملك
– رسالة في قاعدة الفراش.
وفاته قدس سره
تُوفّي(قدس سره) في الرابع من شوّال ١٣٩٤ﻫ بالنجف الأشرف، وصلّى على جثمانه المرجع الديني السيّد أبو القاسم الخوئي، ودُفن بمقبرة أُستاذه الشيخ النائيني بالصحن الحيدري للإمام علي عليه السلام.